الأحد، 14 أبريل 2019

المذكرة الإيضاحية لتعديلات قانون الأحوال الشخصية رقم 100 لسنة 1985

المذكرة الإيضاحية لتعديلات قانون الأحوال الشخصية  رقم 100  لسنة 1985

أولاً - مقدمة
الاسرة اساس المجتمع لانه يتكون من مجموعة من الاسر يرتبط بعضها ببعض ويقوى المجتمع ويضعف بقدر تماسك الاسر التى يتكون منها او انفصامها وكلما قويت الاسرة اشتد ساعد المجتمع واذا تفرقت وانحلت روابطها تدهورت الامة ولقد عنى القرآن الكريم بترابط الاسرة وتاكيد المودة والرحمة بين افرادها فأرشد الى ان الناس جميعاً اصلهم واحد خلفهم الله من ذكر وانثى ووجه الى اهمية رباط الاسرة قوله تعالى : (((يأيها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن اكرمكم عند الله اتقاكم ))) من الآية 13سورة الحجرات .
وهذه الآية الكريمة ترشدنا الى ان الزواج هو اصل الاسرة به تتكون وفى ظله تنمو .
ومن هنا اخذت العلاقة الزوجية حظاً وافراً فى الشريعة الاسلامية فقد عنى بها القران الكريم والسنة النبوية الشريفة فجاءت ايات القران مبنية احكامها داعية للحفاظ عليها ((والله جعل لكم من انفسكم ازواجاً وجعل لكم من ازواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات )) الآية 72من سورة النحل .
(((ومن آياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة ))) الآية 21 من سورة الروم . 
والزواج عهد وميثاق ميزه الاسلام عن سائر العقود فلا يجرى على نسقها ولا يقــاس عليها فقد جعله القران ميثاقاً غليظاً :-
((وان اردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم احداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئا اتاخذونه بهتانا واثما مبينا وكيف تأخذونه وقد افضى بعضكم الى بعض واخذن منكم مثاقاً غليظاًً ))من الآية 20من سورة النساء .
وبهذا الميثاق الحق الله عقد الزواج بالعبادات فأن المتتبع لكلمة (ميثاق) ومواضعها فى القرآن الكريم لا يكاد يجدها الا حيث يأمر الله بعبادته وتوحيده والاخذ بشرائعه واحكامه وبعد ان وصف الله الزواج بانه ميثاق غليظ بين الزوجين صور الخلطة بين طرفيه فقال ((هن لباس لكم وانتم لباس لهن ))من الاية رقم 17 سورة البقرة .
وكانت اهم عناصر الناس بان ثمرة هذا الرباط المحاط بكل هذه المواثيق البنين والاحفاد ليعمروا الارض وليعبدوا الله .واذا كانت الشريعة الاسلامية تعلو كل الشرائع لانها من الله واذا كانت قواعدها واصولها قد قطعت فى امور رأت انها ثابتة لا تتغير فأنها فى امور اخرى وضعت ضوابط عامة تدور فى نطاقها الأحكام وفقاً لتطور الأزمان وتغاير الاحداث واناطت بولى امر المسلمين ان يشرع لهم فى نطاق اصول الشرعية مما يصلح به حالهم وتستقيم معه قناتهم ، واذا كانت مذاهب فقه الشريعة الاسلامية قد اثرت الفقة التشريعى استنباطاً من القران الكريم والسنة الشريفة فأن اختلاف الفقهاء لم يكن على حكم قطعى  وانما كان مرده الى اصول الاستنباط وقواعده وفى المسائل التى للاجتهاد فيها النصيب الاوفى .
ولما كانت الاسرة محكومة منذ تنظيم المحاكم الشرعية فى مصر بالقواعد التى بينتها المادة 280من المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931بلائحة ترتيب هذه المحاكم والتى جرى نصها بأن :
تصدر الأحكام طبقاً للمدون فى هذه اللائحة ولأرجح الاقوال من مذهب أبى حنيفة ما عدا الاحوال التى ينص فيها قانون المحاكم الشرعية على قواعد خاصة بسنة التطور التشريعى سبق ان صدر القانون رقم 25 لسنة 1920 ورقم 25 لسنة 1929 ببعض الأحكام الخاصة بالنفقة والعدة والطلاق والمفقود وأخذ من مذاهب أخرى غير المذهب الحنفى.
ولقد مضى على صدورهذين القانونين قراب الخمسين عاماً طرأ فيها على المجتمع كثيرمن التغيرالمادى والادبى التى انعكست أثارها على العلاقات الأجتماعية الأمر الذى حمل القضاه عبئاً كبيراً فى تخريج أحكام الحوادث التى تعرض عليهم وقد كشف ذلك عن قصور فى بعض أحكام القوانين القائمة مما دعا الى البحث عن أحكام الأحوال التى استجدت فى حياة المجتمع المصرى ذلك فى نطاق نصوص الشريعة دون مصادرة أى حق مقرر بدليل قطعى لأى فرد من أفراد الأسرة بل الهدف من المشروع هو تنظيم أستعمال بعض هذه الحقوق على ما يبين فيما بعد .

ثانيا - حق الطاعة
لما كانت الشريعة الاسلامية قد جعلت حقوق الزوجة وواجباتها متقابلة فحين الزمت الزوج بالانفاق على زوجته فى حدود استطاعته اوجبت على الزوجة طاعته وكان مظهر هذه الطاعة ان تستقر الزوجة فى مسكن الزوجية الذى هيأه لها الزوج امتثالاً لقوله تعالى ((( اسكنوهن من  حيث سكنتم  من وجدكم  ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن ...))) من الآية 6 من سورة الطلاق .
ومن هنا قرر الفقهاء ان الاصل فى الزوجة الطاعة وانه اذا امتنعت عن طاعة الزوج فأنها تكون ناشزاً او تسقط نفقتها من تاريخ الامتناع .
وتنظيماً لهذا جاءت المادة 6 مكرر ثانياً حيث قضت بأن امتناع الزوجة عن طاعة الزوج دون حق يترتب عليه وقف نفقاتها من تاريخ الامتناع وتعتبر ممتنعة دون حق اذا لم تعد لمنزل الزوجية بعد دعوة الزوج اياها للعودة على يد محضر وعلى الزوج ان يبين فى هذا الاعلان المسكن .
ثم اتاح للزوجة الاعتراض واوجب عليها ان تبين فى صحيفة اعتراضها الاوجه الشرعية التى تستند اليها فى امتناعها عن طاعة زوجها وإذا خلا الاعتراض من هذه الاوجه كان على المحكمة ان تقضى بعدم قبوله .

ثالثا - الطلاق للضرر
سبق ان قررت المادة السادسة من القانون رقم 25لسنة 1929مبدأ الطلاق للضرر فنصت على انه اذا ادعت الزوجة اضراراً الزوج بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين امثالها يجوز لها ان تطلب من القاضى التفريق وحينئذ يطلقها طلقة بائنة إذا ثبت الضرر وعجز عن الاصلاح بينهما .
وهذا الحكم مأخوذ من مذهب الإمام مالك ومثله فى مذهب الإمام أحمد بن حنبل رضى الله عنهما وخالف فى هذا المبدأ الإمامان أبو حنيفة والشافعى رضى الله عنهما .
والأصل فى جواز التطليق لضرر قوله تعالى ((( وان خفتم شقاق بينهما فأبعثوا حكما من اهله وحكما من اهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما ..)))الآية رقم 35من سورة النساء.
فقد فهــم بعض الصحابة أن حق الحكمين مطلق فى الإصلاح او التفريق وأن على القاضى أن يقضى بما يريانه ومن هؤلاء على بن ابى طالب وعبد الله بن عباس ولم يعرف لهما مخالف وهو يتفق من الماثور من احاديث الرسول صلى الله عليه وسلم اذ قال ((لا ضرر ولا ضرار)) كما يتفق كذلك مع وصايا القـرآن الكـريم فى مثــل قـوله تعــالى ((فأمـساك بمعــروف او تســريح بـأحسـان)) من الآية رقم 229من سورة البقرة .
ولما كانت مشكلة الجمع بين أكثر من زوجة مشكلة إجتماعية يتعين علاجها فان المشروع رأى ان يكون تضرر الزوجة من الزواج عليها باخرى نوعاً خاصاً من الضررينص عليه وهو فى نطاق القاعدة العامة - التطليق للضرر- فأذا لحق الزوجة الأولى ضرر من الزواج عليها بأخرى كان لها حق طلب التطليق للضررسواء كان الضرر ماديا او ادبياً او نفسياً ومستند هذا الحكم مذهب الإمام مالك وما توجبه القاعدة الشرعية فى الحديث الشريف ((لا ضرر ولا ضرار )) .

رابعا - الطلاق
ان القرآن الكريم قد أختص الزوج بالطلاق وحل عقد الزواج فقد أسندت الآيات العديدة الطلاق الى الرجال ووجهت الخطاب اليهم ومنها الايات ارقام 220،221،222 ،236، 237 ، من سورة البقرة و الاية 49 من سورة الاحزاب والآية الأولى من سورة الطلاق والآية الخامسة من سورة التحريم ومع هذا الإختصاص قال الرسول صلى الله عليه وسلم إن أبغض الحلال عند الله الطلاق مرشداً بهذا الى أن على الزوج ألا يلجأ الى حل الوثاق بالطلاق إلا عند استحكام الشقاق فهو الى باب الكراهة أقرب .
ولما كان قد ظهر من إستقصاء حالات الطلاق ان بعض الازواج قد لجأوا الى ايقاع الطلاق فى غيبة زوجاتهم واخفوا عنهن خبره وفى هذا اضرار بالمطلقات وتعليق لهن بدون مبرر بل ان بعض الازواج كان يوثق الطلاق رسمياً لدى الموثق ثم يحتفظ بورقتى الطلاق لديه متظاهر للزوجة بأستدامة عشرتها حتى اذا ما وقع خلاف بينهما ابرز سند الطلاق شاهراً إياه فى وجهها محاولا به اسقاط حقوقها وقد سبق لبعض فقهاء المذهب الحنفى ان واجهوا حالة طلاق بتأخير بدء العدة الى وقت الاقرار من الزوج بحدوث الطلاق فقالوا: لو كتمتم طلاقها لم تنقضى العدة زجرا له ، بمعنى ان الزوج اذا طلق زوجته واخفى عليها الطلاق ثم اقر بعد ذلك به لم تبدأ العدة إلا من وقت هذا الاقرار ولا يعتد باسناد الطلاق الى تاريخ سابق .
((الدر المختار للحصكفى وحاشية رد المختار لابن عابدين الجزء الثانى فى باب العدة))
وبناء على هذا ولما كانت الدولة قد نظمت امر توثيق الطلاق فأختصت المأذون بتوثيق اشهاد الطلاق بين الازواج المصريين المسلمين ومكتب التوثيق بالشهر العقارى بالازواج اذا اختلفت جنسياتهم او دياناتهم راى المشرع ان ينظم طريق علم الزوجة بطلاقها حتى لا تحدث مشاكل بين الزوجين اذا اخفى الطلاق فأوجبت المادة 5 مكرر على المطلق متى أوقع الطلاق طبقاً لما قرره جمهور الفقهاء بأنه من وقت وقوعه وهذه هى القواعد العامة فى اثار الطلاق واخذ المشروع رأى بعض فقهاء الأحناف وأبن حزم الظاهرى بأن تكون اثار الطلاق من وقت العلم به بالنسبة للزوجة فى حالة ما إذا كتم الزوج طلاق الزوجة او اخفاه عنها ثم فصل نص هذه المادة طرق علم الزوجة بالطلاق ففوض وزير العدل فى وضع الاجراءات المنفذة لما جاء بها من احكام هذا وليس فى ايجاب توثيق الطلاق ولا فى تنظيم طريق العلم به اى قيد على حق الطلاق الذى اسنده الله عز وجل للزوج .
كما لا تشكل تللك الاجراءات اى قيد على جواز اثبات الطلاق قضاء بكافة الطرق غير ان اثارها بالنسبة للزوجة فى حالة اخفاءه لا تبدا الا من تاريخ علمها به وقرر النص ان النفقة توقف منذ تاريخ اعلان الزوج للزوجة بالعودة الى المسكن واذا لم تعترض فى الميعاد المقرر فى ذات النص صار وقف النفقة حتماً من تاريخ انتهاء الميعاد .
ثم اذا ما استوفى الاعتراض شكله القانونى وجب على المحكمة عند نظر موضوعه التدخل لانهاء النزاع صلحاً بين الطرفين من تلقاء نفسها اوبناء على طلب احدهما والمقصود بالصلح هو استمرار المعاشرة بالمعروف ومؤدى هذا ان لها ان تبحث شرعية المسكن اذا كان اعتراض الزوجة منصباً على انتفاء شرعيته ولها ان تأمر الزوج باعداد المسكن المناسب اذا بان لها ان المسكن الذى حدده الزوج فى الاعلان غير مستوفى بما يجب توافره شرعاً او عرفاً فاذا اتضح من المرافعة ان الخلاف مستحكم بين الزوجين وطلبت الزوجة الطلاق اتخذت اجراءات التحكيم الموضحة فى  
المواد من 7-11 من هذا القانون .     
قد ابانت هذه المواد الشروط الواجب توافرها فى الحكمين وان يشمل قرار بعثهما على تاريخ بدء وانتهاء مأموريتهما على الا تجاوز المدة ستة اشهر وعلى المحكمة اخطارالحكمين والخصوم بمنطوق قرارها وتحليف كل من المحكمين اليمين بان يقوم بمهمته بعدل وأمانة ويجوز للمحكمة ان تعطى للحكمين مهلة اخرى مرة واحدة على ألا تزيد على ثلاثة أشهر .
والأصل فى بعث الحكمين قول الله سبحانة وتعالى :((وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكم من أهلها)) فان هذه الآية رسمت طريق تسوية الشقاق بين الزوجين .
ولا يغيب عن البال أن الأحكام المبينة فى المواد من 7-11 من هذا المشروع تطبق فى الحالة المبينة فى المادة السادسة من القانون رقم 25 لسنة 1929 وفى المادة السادسة مكرر من هذا المشروع ذلك انه اتضح من تطبيق احكام القانون القائم فى التحكيم قصورها عن الوفاء بعناصر الفصل فى الانزعة الخاصة بالطلاق للضرر بل ان تلك الاحكام كانت لا تنتهى بنزاع الى نتيجة حاسمة وقد تفادى هذا فنظم عمل الحكمين بما يكفل حسن سير العدالة ويقطع طرائق الارجاء ومنع عرقلة الحكمين ثم يبين فى المادة العاشرة ما يتبعه الحكمان عند العجز عن الاصلاح من حيث التفريق والنتائج المالية .
وتفادياً لإطالة أمد التقاض عند إختلاف الحكمين أقترح المشروع تعيين حكم ثالث تبعثه المحكمة مع الحكمين وتقضى بما يتفقون عليه أو برأى الأكثرية وعند إختلافها فى الرأى أو عدم تقديم التقرير فى الميعاد تسير المحكمة فى الإثبات وتقضى وفق التفصيل الموضح بالمادة 11  وبعث الحكم الثالث لا يخالف أصل من أصول الشريعة فأن القران الكريم لم ينهى عنه وقد صار فى هذا الزمان امرا ضرورياً كوسيلة لإظهار الحق ورفع الضرر على أن من الفقهاء من أجاز بعث حكم واحد ((تفسير الجامع لأحكام القرطبى جـ 5 ص 161 وما بعدها ))
وإذا عجزت المحكمة عن التوفيق بين الزوجين وتبين لها إستحالة العشرة بينهما وأصرت الزوجة على الطلاق قضت المحكمة بالتفريق بينهما بطلقة بائنة مع أسقاط حقوق الزوجة المالية كلها أو بعضها وإلزامها التعويض المناسب إن كان لذلك كله مقتض .

خامسا - المتعة للمطلقة بعد الدخول
لما كان من المستقر عليه شرعاً أن الطلاق حق للزوج وكان القانون القائم لا يوجب المتعة المالية للمطلقة بعد الدخول وحسبما انها أستحقت المهر كله بالدخول ولها نفقة أما المتعة فهى مستحبة ولا يقضى بها . وإذا قد تراخت المروءة فى هذا الزمن وأنعدمت لا سيما بين الأزواج اذا انقطع حبل المودة بينهما وأصبحت المطلقة فى حاجة الى معونة أكثر من نفقة العدة تعينها من الناحية المادية على نتائج الطلاق وفى المتعة ما يحقق المعونة وفى الوقت نفسه تمنع الكثيرين من التسرع فى الطلاق 
ولما كان الأصل فى تشريع المتعة هو جبر خاطرالمطلقة وكانت مواساتها من المروءة التى تطلبها الشريعة وكان من أسس تقديرها قول الله تعالى : (((ومتعوهن على الموســع قــدره وعلى المقتــر قدره))) الآية 226من سورة البقرة .
وكان إيجاب المتعة هو مذهب الشافعى الجديد حيث أوجبها للمطلقة بعد الدخول ان لم تكن الفرقة منها أو بسببها وهو قول لأحمد اختاره بن تيمية كما أن إيجابها مذهب أهل الظاهر وهو قول لمالك أيضا (المذهب الشيرازى ص245-249) .
وعلى هذا وضع نص المادة 18 مكررا بمراعاة ضوابط اقوال هؤلاء الائمة وللقاضى ان ينظر فى تقديرها عدا ما سبق الى ظروف الطلاق والى اساءة استعمال هذا الحق ووضعه فى موضعه ولا تقل فى تقديرها عن نفقة سنتين وتخفيفاً على المطلق فى الاداء اجاز النص الترخيص له سداد جملة المقرر للمتعة على اقساط .

سادسا - نفقة الزوجة
قضت الفقرة الأولى من المادة الثانية بأن تجب نفقة الزوجة على زوجها من مبدأ العقد الصحيح إذا
سلمت نفسها اليه ولو حكمهما موسرة كانت او مختلفة معه فى الدين وهذا هو ما قضى به القانون رقم 25 لسنة 1929ثم جاءت الفقرة الثانية من النص بانه لا يمنع مرض الزوجة من استحقاقها للنفقة وتشمل النفقة الغذاء والكسوة والمسكن ومصاريف العلاج وغير ذلك مما يقضى به العرف.
ولذا جاء هذا النص فى فقرته الاخيرة بما ذهب اليه مذهب الزيدية وتقتضيه نصوص فقه الامام مالك من ان ثمن الادوية واجرة الطبيب من نفقة الزوجة وعدل المشروع بهذا عن مذهب الحنفية فى هذا الموضع .
ومن المقرر لدى جميع الفقهاء ان الزوجة المريضة اذا لم تزف الى زوجها لا تستحق نفقة قبله فى حالة عجزها عن الانتقال الى منزل الزوجية ثم ابان المشروع فى الفقرة الرابعة من هذه المادة احوال سقوط نفقة الزوجة فى حالة ارتدادها عن الاسلام او امتناعها مختارة عن تسليم نفسها لزوجها بدون حق او اضطرارها الى ذلك بسبب ليس من قبل الزوج كما اذا حبست ولو بغيرحكم او اعتقلت او منعها اولياؤها من القرار فى بيت زوجها .
كما افصح المشروع عن الأحوال التى يعتبر فيها خروج الزوجة بدون اذن زوجها سبباً مسقطاً لنفقتها عليه فقال أنها الأحوال التى يباح فيها ذلك بحكم الشرع كخروجها لتمريض احد ابويها او تعهده او زيارته والى القاضى لطلب حقها كذلك خروجها لقضاء حوائجها التى يقضى بها العرف كما اذا خرجت لزيارة محرم او تقضى به الضرورة كأشراف المنزل على الانهدام أو الحريق او اذا اعسر بنفقتها ومن ذلك الخروج للعمل المشروع إذا أذنها الزوج بالعمل أو عملت دون أعتراض منه أو تزوجها عالماً بعملها .    
وذلك مالم يظهر أن عملها مناف لمصلحة الأسرة أو مشوب بإساءة الحق وطلب منها الزوج الإمتناع عنه ، وغنى عن البيان ان الفصل عند الخلاف فى كل ذلك للقاضى .
ثم فى الفقرة السادسة نص المشروع على أن نفقة الزوجة تعتبر ديناً على الزوج من تاريخ الإمتناع عن الإنفاق مع وجوبه ولا تسقط إلا بالأداء أو الأبراء وهذا هو الحكم القائم وهو مأخوذ من فقه المذهب الشافعى .

سابعا - النفقة المجمدة
اخذ المشرع بقاعدة جواز تخصيص القضاء فنص على الا تسمع دعوى النفقة عن مدة ماضية لاكثر من سنة غايتها تاريخ رفع الدعوى ، وذلك لان فى الطلاق اجازة المطالبة بالنفقة عن مدة ماضية سابقة على تاريخ رفع الدعوى احتمال جواز المطالبة بسنين عديدة كما ان المدة التى كانت مقررة فى المادة 99 من المرسوم لقانون رقم 78 لسنة 1931 بلائحة المحاكم الشرعية وهى ثلاثة سنوات نهايتها تاريخ رفع الدعوى غدت كثيرة مما رأى معه هذا المشروع الاكتفاء بسنة واحدة عن طريق منع سماع الدعوى ولا يضارصاحب الحق بهذا الحكم اذا يمكنه المبادرة الى طلب حقه حتى لا تمضى عليه سنة فاكثر. 
وظاهر ان هذا الحكم الخاص بنفقة الزوجة على زوجها لا يتعداها الى غير هذا من الحقوق .
ولما كانت المقاصة جائزة بين ارباب الديون فقد تكون الزوجة مدينة لزوجها فأنه حماية لحقها فى الحصول على ما يفى بحاجتها وقوام حياتها نص المشروع على الا يقبل من الزوج التمسك بالمقاصة بين نفقة الزوجة وبين دين الزوج عليها الا فيما يزيد على ما يكفيها ويقيم اود حياتها كما ان امتياز دين نفقة الزوجة عند تزاحم الديون على الزوج وضيق ماله عن الوفاء بالجميع امر تقره قواعد فقه المذهب الحنفى وهذا ما قررته الفقرة الاخيرة من هذة المادة .

ثامنا -  قواعد تقدير نفقة الزوجة
جاءت المادة 16 من المشروع بهذه القواعد فنصت على ان تقدر نفقة الزوجة بحسب حال الزوج وقت استحقاقها يسراً او عسراً على ألا تقل فى حالة العسر عن القدر الذى يفى بحاجتها الضرورية ومن هذا يظهر أن المناط أصلا فى تقدير النفقة هو حالة الزوج المالية فى اليسر والعسر وهذا أمر نسبى غاية الأمر أن النفقة إذا كانت عن مدة ماضية على تاريخ الحكم وتغيرت حال الزوج وكان التقدير على قدر حالة وقت الإستحقاق ولا وقت القضاء .
وهذا إذا كان قد حدث تغير فى الحالة المالية والقدر الذى يفى بحاجتها الضرورية هو ما يعبر عنه فى العرف القضاء بنفقة الفقراء لا ان يكون فوق طاقته لان المعيار هو قول الله تعالى ((لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما اتاه الله )) من الآية السابعة من سورة الطلاق .
ثم قرر المشروع ضرورة القضاء بنفقة مؤقتة للزوجة وأوجب على القاضى فى حالة قيام سبب استحقاق النفقة وتوفر شروطه ان يفرض للزوجة فى مدة اسبوعين على الاكثر من تاريخ رفع الدعوى نفقة مؤقتة بحكم غير مسبب واجب النفاذ فورا الى حين الحكم بالنفقة بحكم واجب النفاذ .والملحوظ فى هذا هو الا تترك الزوجة مدة قد يطول فيها التقاضى دون ان يكون لها مورد تعيش منه فكان من واجبات القاضى ان يبادر الى تقرير النفقة المؤقتة بالمقدار الذى  يفى بحاجته الضرورية فى ضوء ما استشفه من أوراق المرافعة ما دام قد توافرت أمامه اسباب استحقاق الزوجة النفقة وتحققت الشروط .
هذا الحكم المؤقت نافذ فورا الى حين صدور الحكم من محكمة اول درجة فى الدعوى وعندئذ يكون النفاذ لهذا الحكم الاخير دون المؤقت على ما هو وارد فى نصوص لائحة ترتيب المحاكم الشرعية فى هذا الموضع ثم رخص المشروع للزوج فى حال سداده نفقة لزوجته بمقتضى الحكم المؤقت ان يجرى مقاصة بين ما اداه فعلاً وبين المحكوم به عليه نهائيا على الا يقل ما يبقى للزوجة وتقبضه فعلا عن القدر الذى يفى بحاجتها الضرورية .

تاسعا - الحضانة
كان العمل جارياً على إنتهاء حق النساء فى الحضانة للصغير إذا بلغ سن السابعة ويجوز للقاضى ان يأذن ببقائه فى يد الحاضنة اذا راى مصلحته فى ذلك الى التاسعة وان تنتهى حضانة الصغيرة ببلوغها التاسعة الا اذا راى القاضى مصلحتها فى البقاء فى يد الحاضنة فله ابقائها حتى الحادية عشر .
وان تتبع المنازعات الدائرة فى شأن الصغار تبين ان المصلحة تقتضى العمل على استقرارهم حتى يتوافر لهم الأمان والأطمئنان وتهدا نفوسهم فلا ينزعجون بنزعهم من الحاضنات ومن اجل هذا أرتأ المشروع انهاء حضانة النساء للصغير ببلوغه العاشرة وحضانتهن للصغيرة ببلوغها سن الثانية عشر ثم أجاز القاضى بعد هذا السن أبقاء الصغير فى يد الحاضنة حتى سن الخامسة عشر والصغيرة حتى تتزوج اخذا بمذهب الإمام مالك فى هذا الموضوع على انه فى حالة ابقائهما فى يد الحاضنة بهذا الإعتبار لا يكون للحاضنة الحق فى اقتضاء اجرة حاضنة وانما لها الحق فى نفقة المحضون الذاتية من طعام وكساء ومسكن وغير هذا من مصاريف تعليم وعلاج وما يقضى به العرف فى حدود يسار الاب او من يقوم مقامه .
كما ان وجود الولد ذكراً كان أو أنثى فى يد الحاضنة سواء قبل بلوغهما سن العاشرة او الثانية عشر او بعدها لا يغل يد والدهما عنهما ولا يحد من ولايته الشرعية عليها فأن عليه مراعاة احوالهما وتدبير امورها وولايته عليها كاملة وانما يد الحاضنة للحفظ والتربية ولها القيام بالضروريات التى لا تحتمل التاخير كالعلاج والإلتحاق بالمدارس بمراعاة امكانات الأب ثم نص المشروع على حق كلا من الأبوين فى رؤية الصغير أو الصغيرة وأثبت هذا الحق للأجداد عند عدم وجود الأبوين بأعتبارهم من الأباء وإذا تعذر تنظيم مواعيد الرؤية اتفاقاً نظمها القاضى بشرط ألا تتم فى مكان يضر بالصغير أو الصغيرة كأقسام الشرطة وحق رؤية الأبوين للصغير والصغيرة مقرر شرعاً لأنه من باب صلة الأرحام التى أمر الله بها ((وأولى الأرحام بعضهم أولى ببعض فى كتاب الله )) الآية رقم 75من سورة الأنفال 
ثم منع المشروع تنفيذ حكم الرؤية جبراً وبالقوة حتى لا يضر هذا بالأولاد فأذا أمتنع من بيده الولد عن تنفيذ حكم الرؤية بغير عذر أنذره القاضى فأن تكرر منه ذلك جاز للقاضى بحكم واجب النفاذ نقل الحضانة مؤقتاً الى من يلى هذا الممتنع عن تنفيذ حكم الرؤية من اصحاب الحق فيها لمدة يقدرها ولا مراء فى أن تنفيذ الحكم بنقل الحضانة يتم بمجرد صدوره لشموله بالنفاذ قانونا وبالقوة الجبرية عملا بالمادة 345 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية ثم بين المشروع ترتيب الحاضنات والحاضنين من العصبة وذوى الأرحام على نحو ما هو مقرر فى النص وما هو جار به العمل وفقاً لفقه المذهب الحنفى .

عاشرا - مسكن الزوجية 
إذا وقع تخصيص الطلاق بين الزوجين وبينهما صغارفان المنازعة تثور بينهما فيمكن تخصيص مسكن الزوجية المؤجر للزوج تنفرد به المطلقة والصغار بوصفها حاضنة لهم او ينفرد به المطلق بأعتبار انه المتعاقد وحين نعود لأقوال الفقهاء نجد أنهم قالوا:ان من لها امساك الولد وليس لها مسكن فأن على الأب سكناهما جميعاً ( الدار المختار للحصكفى فقه حنفى فى كتاب الحضانة ).
واذا كان ذلك فأن للمطلقة الحاضنة بعد الطلاق الاستقلال مع محضونها بمسكن الزوجية المؤجر لمطلقها والد المحضون ما لم يعد لها المطلق مسكناً اخر مناسب حتى اذا ما انتهت الحضانة او تزوجت المطلقة فللمطلق ان يعود ليستقل دونها بذات المسكن اذا كان من حقه ابتداء الاحتفاظ به قانوناً ونص المشروع على اختصاص المحكمة الابتدائية بالفصل فى الطلبين المشار اليهما فى الفقرة الاولى من المادة الرابعة من المشروع .
واجازت الفقرة الاخيرة من هذه المادة للنائب العام او المحامى العام اصدار قرار مؤقت فيما يثور من منازعات بشأن حيازة المسكن المشار اليه حتى تفصل المحكمة نهائياً فى النزاع .

حادى عشر -  نفقة الصغير 
فى فقه المذهب الحنفى المعمول به الان فى نفقة الولد على ابيه اقوال وتفاصيل فى استحقاق النفقة بسبب الاشتغال بالتعليم تعرضت لنوع العلم وحال طالبه وتبعا لذلك اختلفت اتجاهات المحاكم .
ولما كان الاشتغال بطلب العلم يشتمل ماهو ضرورى لتكوين الشخص واعداده للحياة سواء اكان دينيا او دنيويا وهذا القدر من العلم بمنزلة الطعام والكساء كما يتناول ما ليس بضرورى للطالب فى الدين او فى حياتة وقد يكون الملزم بالنفقة احد الابوين او غيرهما من الاقارب وتعليم الولد ايا كان ذكرا كان او انثى يراعى فيه وسع ابيه وما يليق بمثله ولا يلزم الانسان بتعليم ابن اخيه مثلا الى المستوى الواجب لابنه.
من اجل هذا كان من المصلحة او العدل تقرير ان الاشتغال بالتعليم يعتبر عجزا حكميا موجبا للنفقة اذا كان تعليما لعلم ترعاه الدولة ولا ينافى الدين وبشرط ان يكون الطالب رشيدا فى التعليم وفى قدرة من وجبت عليه النفقة الانفاق علية فى التعليم ونفقة الانثى على ابيها حتى تتزوج او تكسب ما يفى بنفقتها لان الانوثة فى ذاتها عجز حكمى .
ولا مراء فى ان نفقة الاولاد على ابيهم تكون بقدر يساره وبما يكفل لهم العيش اللائق بأمثاله وتشمل النفقة توفيرالمسكن لهم تعزيزالمطلق اذا اخل بواجباته المبينة فى هذا المشروع التعزيز عقوبة مفوضة الى رأى الحاكم كما يقول فقهاء المذهب الحنفى ويختلف بأختلاف الجريمة واجاز الفقهاء التعزيز بالحبس ويجوز ان تكون العقوبة الوحيدة وان يضم عليها عقوبة اخرى كالتغريم وهذه العقوبة الاخيرة اجازها الإمام ابو يوسف واجازها بعض فقهاء الشافعية واجيزت فى مواضع مذهب الإمام أحمد .
واذا كان الفقهاء قد قرروا أن تصرف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة وكان تنظيم أمر توثيق الطلاق وإعلام المطلقة بوقوعه ووصول سنده اليها من المصالح العامة فإن تجريم المطلق اذا أخل بالواجبات المنوطة  به فى المادة الخامسة مكرراً من هذا المشروع يكون أمرا ذا سند صحيح شرعاً وكذلك الحال بالنسبة للواجبات المبينة فى المادة السادسة مكرراً .
كما يعاقب الموثق أيضا إذا أخل بالتزاماته التى فرضها عليه هذا القانون بالعقوبات المبينة بالمادة 23مكررا .
إذ لا يكون فى الأمور التنظيمية تقريرها بل لابد من حماية هذا التنظيم حتى يؤتى ثماره .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق